تحليلات | طائرة حزب الله المسيرة: خرق سيادة إسرائيل كما تفعل بلبنان

مصادر أمنية إسرائيلية رفيعة: الغارات المتكررة في سورية في السنوات الأخيرة، حققت "إنجازات محدودة"، لكن ترسانة حزب الله الصاروخية "تُحدث توازن ردع، يضع مصاعب أمام إسرائيل للعمل مقابل حزب الله"

تحليلات | طائرة حزب الله المسيرة: خرق سيادة إسرائيل كما تفعل بلبنان

مجسم لطائرة بدون طيار في متحف حربي أقامه حزب الله في قرية مليتا في جنوب لبنان، أمس (أ.ب.)

أبرز دخول الطائرة المسيرة التي أطلقها حزب الله ودخلت إلى عمق أجواء شمالي البلاد، أول من أمس الجمعة، أن الغارات الإسرائيلية المتكررة في سورية في السنوات الأخيرة، التي توصف في إسرائيل بأنها "معركة بين حربين"، حققت "إنجازات محدودة"، وأن مئات آلاف الصواريخ والقذائف الصاروخية بحوزة حزب الله "تُحدث توازن ردع، يضع مصاعب أمام إسرائيل للعمل مقابل حزب الله"، حسبما نقلت صحيفة "هآرتس" اليوم، الأحد، عن مصادر أمنية إسرائيلية رفيعة.

وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل وضعت، في العام 2018، خمسة أهداف لهذه الغارات: تقليص تهديدات عليها؛ إبعاد إمكانية نشوب حرب وإنشاء ظروف أفضل للانتصار فيها؛ الحفاظ على الردع وتعزيزه؛ توسيع "موارد" إسرائيل بنظر شركائها؛ والحفاظ على حرية عمل الجيش الإسرائيلي وتقليص حرية عمل "عدوها".

وبحسب الصحيفة، فإن "هذه السياسة حققت بقدر كبير أهدافها وساعدت في لجم التموضع الإيراني في المنطقة بواسطة هجمات في سورية والعراق واليمن ودول أخرى".

ونقلت الصحيفة عن مصادر أمنية إسرائيلية قولها إن "الوضع مقابل حزب الله مختلف. وذلك على إثر حقيقة أن حزب الله وضع ’تدفيع ثمن’ لاستهدافه واستهداف مقاتليه، خاصة في الأراضي اللبنانية، ونشأ ردع متبادل بين الجانبين".

وأضافت المصادر الإسرائيلية أنه "فيما في جبهات أخرى بالإمكان الدخول في مواجهة محدودة، لا تتجاوز فيها الأطراف سقف الحرب، فإن الوضع في الجبهة مع لبنان قابل للاشتعال أكثر بكثير وارتفعت مخاطر التدهور إلى مواجهة شاملة. وبسبب قوة حزب الله، فإن من شأن مواجهة كهذه أن تعطل المرافق الاقتصادية الإسرائيلية لفترة طويلة والتسبب بضرر شديد في جبهتها الداخلية".

واعترف مسؤول أمني إسرائيلي بأنه "نواجه صعوبة في إحداث معادلة صحيحة في لبنان بشأن كيف يمكن أن نعمل من دون الوصول إلى حرب. ونحن نبحث طوال الوقت عن طريقة لاستهداف تعاظم قوة حزب الله في الأراضي اللبنانية. ولا شك في أن الوضع لصالح حزب الله في هذه المرحلة، لكن هذا لن يستمر لفترة طويلة".

طائرة حزب الله في أجواء شمالي البلاد، أول من أمس

وقال مسؤول إسرائيلي آخر، شارك في مداولات حول "تهديدا في الجبهة الشمالية"، مؤخرا، إنه "نحن مرتدعون في لبنان. ونسير هناك على البَيض".

ولذلك، وفقا للصحيفة، يمتنع الجيش الإسرائيلي عن استهداف مقاتلي حزب الله أو أهدافه الإستراتيجية في لبنان. فالرد الإسرائيلي على أنشطة هجومية لحزب الله تكون مدروسة نسبيا، وغايتها تمرير رسائل بالأساس. وفي أعقاب دخول الطائرة المسيرة إلى أجواء شمالي البلاد، أول من أمس، حلقت طائرات مقاتلة إسرائيلية في سماء بيروت، وجرى الرد على إطلاق حزب الله قذيفة مضادة للدبابات باتجاه مركبة عسكرية إسرائيلية عند الحدود بإطلاق قذائف دخانية. كما لا يتردد حزب الله من تبني مسؤولية عن عملياته.

وخلال مداولات أجراها الجيش الإسرائيلي بمشاركة رئيس أركان الجيش، أفيف كوخافي، مؤخرا، حول الهجمات الإسرائيلية في المنطقة، حذّر أحد المسؤولين من أن "القصة مختلفة قليلا في لبنان، فهناك نحن لسنا موجودين في مكان جيد. والقدرة على الحفاظ على حرية عمل في هذه الدولة مقرون بشراء قدرات تكنولوجية ليست موجودة بحوزة إسرائيل حاليا".

وقال ضابط إسرائيلي كبير للصحيفة إن "إسرائيل تعاملت (بحرّية) مع الحيّز الجوي كأمر مفروغ منه طوال سنوات. وحزب الله، بوسائل ليست متطورة جدا ولكن بإصرار، نجح بتحدي حرية عملها الجوي. وهو لم يؤسس سلاح جو ولم يبنِ منظمة دفاع جوي متطورة، لكنه نجح في إنشاء منظومة طائرات بدون طيار ووسائل مختلفة، التي ربما لن تسقط طائرة ولكنها تهدد طائراتنا بدون طيار وربما تسمح له باعتراض ذخائر. وهذا أمر مقلق بكل تأكيد".

وأكد مصدر أمني إسرائيلي رفيع للصحيفة أن مخزون صواريخ ومقذوفات حزب الله اليوم "لا يمكن استهدافه بعمليات موضعية، وإنما بالحرب فقط. وإذا كان أحد أسباب شن حرب هو أن حزب الله بنى منظومة لا يمكن أن تحتملها إسرائيل عند حدودها، فإنه يتواجد اليوم في هذا الوضع".

وأشار مصدر رفيع إلى أن التقديرات في إسرائيل هي أن بحوزة حزب الله كمية صغيرة من الصواريخ الدقيقة، "لكن لا أحد يعلم فعلا حجم كمية الصواريخ لدى نصر الله ضد إسرائيل".

ووفقا للمحلل العسكري في الصحيفة، عاموس هرئيل، فإن دخول الطائرة المسيرة إلى أجواء شمالي البلاد فاجأ الجيش الإسرائيلي، "على ما يبدو بسبب عدم توفر تحذير استخباراتي مسبق. ولذلك تم تشغيل صافرات الإنذار في شمالي البلاد والتي أثارت هلعا معينا بين المواطنين".

ورأى هرئيل أن إطلاق الطائرة المسيرة بدا كرسالة من جانب حزب الله، مفادها أنه "حتى إذا أسقط الجيش الإسرائيلي طائرة مسيرة لنا بين حين وآخر، فإنه من الصواب الاستمرار بإطلاقها نحو الجليل متى نشاء. وإذا كانت إسرائيل تعتقد أن بإمكانها خرق السيادة اللبنانية بواسطة طائرات بدون طيار وطائرات مقاتلة، فإن حزب الله أيضا سيعمل بشكل مشابه من جنوبي الحدود".

التعليقات